أصداء الجنوب – سطات
وسط صمت إداري مقلق، تتفاقم في جماعة دار الشافعي بإقليم سطات أزمة بيئية وصحية غير مسبوقة، بفعل الانتشار المهول والعشوائي لوحدات تربية الدواجن، التي حوّلت العديد من الدواوير، وعلى رأسها دوار أولاد احميدة، إلى مستنقعات للتلوث ومجالات مغلقة على الروائح الكريهة والأمراض المحتملة.
منذ شهور، تعيش الساكنة تحت وطأة الروائح النتنة، وتكاثر الحشرات، وتلوث المياه الجوفية، ما جعل الحياة اليومية للمواطنين لا تُطاق. وتتحدث أصوات محلية عن فوضى منظمة تجري تحت أعين الجميع، تغذيها علاقات مشبوهة بين بعض الفاعلين المنتخبين والمستثمرين في هذا القطاع، الذي بات يُدر الأرباح على قلة، ويُنزل الكلفة البيئية والصحية على الجميع.
يقول أحد السكان متحسرًا: “لم نعد نعرف هل نحن في دولة قانون أم في مزرعة شخصية؟”، مشيرًا إلى أن بعض أصحاب هذه المداجن يتبجّحون علنًا بعبارة “العامل ف يدنا”، في إشارة إلى العامل السابق لإقليم سطات، الذي يُتّهم – ضمنيًا – بـ”غض الطرف” عن تجاوزات مدوية.
وتؤكد مصادر متطابقة أن إحدى أكبر المداجن التي أثارت استياء السكان، تعود ملكيتها لمستشار جماعي نافذ، قام بإنجازها دون ترخيص قانوني، وخرق التصميم الخاص بوحدة أخرى، بل تمادى في الترامي على محروم تابع للطريق الإقليمية رقم 3629. ورغم تحرير تقارير رسمية وصدور توصيات إدارية، إلا أن المداجن ما تزال قائمة وتواصل نشاطها دون رادع.
في ظل الغياب التام لأي تدخل فعّال من اللجان الإقليمية البيئية والصحية، خرجت ساكنة المنطقة، مرفوقة بفعاليات مدنية وحقوقية، بمطالب واضحة: زيارة ميدانية عاجلة من طرف عامل الإقليم محمد علي حبوها، بحضور جميع القطاعات المعنية، من أجل تشخيص الوضع واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
وتؤكد الساكنة أن الأمر لم يعد يحتمل التأجيل، لأن الصحة العامة في خطر، والثقة في المؤسسات تتآكل، مشيرة إلى أن استمرار الوضع على ما هو عليه يهدد السلم الاجتماعي ويؤجج الاحتقان الشعبي في واحدة من أكثر الجماعات تهميشًا على المستوى الإقليمي.
المثير في ملف المداجن العشوائية بدار الشافعي، بحسب متتبعين للشأن المحلي، هو أنه يكشف عن وجود تحالف غير معلن بين بعض المنتخبين والمستثمرين، يُترجم إلى “تراخيص مشبوهة”، و”تجاهل ممنهج لمصالح السكان”، ما يطرح سؤالًا حارقًا عن مدى حيادية الإدارة، وجرأتها في مواجهة خروقات من هذا النوع.
ويرى عدد من النشطاء أن ما يجري يعكس خللًا بنيويًا في الحكامة الترابية، حيث تفقد الدولة المحلية جزءًا من قدرتها على التنظيم والتقنين، وتتحول الجماعات القروية إلى فضاءات “محمية” تُتخذ فيها القرارات وفق منطق الولاء والمصلحة، لا وفق مبدأ العدالة والتنمية المجالية.
الأنظار تتجه اليوم إلى عامل الإقليم محمد علي حبوها، باعتباره المسؤول الترابي الأول، والمُخوّل قانونًا بكسر شوكة الفوضى والتجاوز، ومعه تستيقظ الآمال بأن يُسجّل موقفًا يُعيد الاعتبار للدولة وللقانون، ويقطع مع منطق “الحصانة الميدانية” الذي يتغوّل تحت عباءة التمثيلية الانتخابية.
فهل سيتحرّك العامل لإعادة التوازن المختل بدار الشافعي؟ أم أن تحالف المصالح سيكون أقوى من صوت المواطن ومن القانون معًا؟ الأسابيع القادمة كفيلة بالكشف عن الجواب.
سطات: دار الشافعي تختنق وسط غزو “المداجن العشوائية”: غضب شعبي وتحرّك مرتقب لعامل الإقليم
10 زيارة
